الفضاء الافتراضي for Dummies
الفضاء الافتراضي for Dummies
Blog Article
وقد أوصت الدراسة عند تطبيق نظرية دوامة الصمت بضرورة تحديد الشكل الذي تبدو عليه المشاركة بالضبط في بيئة الإنترنت، هل هي مشاركة منشورات وتعليقات أم ردود على تعليق أو منشور؟ وهل يتم الإعجاب بمنشور من خلال تعليق نصي أو باستخدام الرموز التعبيرية الأخرى؟ إضافة إلى ضرورة تحديد سياق المشاركات ودرجة المساواة الرقمية بين المشاركين، ومدى استخدامهم لهويتهم الحقيقية، وتحديد الموضوعات والقضايا التي تدفع الفرد إلى الانخراط في السجال العمومي، والتعبير صراحة عن آرائه والمواضيع التي تميل إلى جعله يتخذ موقف الصمت تجاهها.
غاب "الفضاء" إذا لكن بقي "المشترك" و"الرأي العام" حاضرين بمعاني جديدة ومختلفة تدين كليا للروح الرقمية المسيطرة ولمنطق التواصل الاجتماعي المهيمن، خاصة وأن التواصل الافتراضي منح فرصا متساوية لكل المواطنين للمشاركة في النقاش العمومي وإنتاج المعنى، ورغم ما يبدو من أن التطورات التقنية وضعت للأفراد فضاءً افتراضيا عاما، يعبرون فيه عن آرائهم، ويمارسون ضمنه مواطنتهم بكل حرية، فإن التحدي يكمن في الانتباه إلى الاشكالات التي يطرحها هذا التحول: فما الذي نقصده حين نتحدث عن "الفضاء العام"؟ وهل يستطيع الافتراضي منح إنسان الزمن الحديث والمعاصر بالفعل معاني الفضاء المشترك الدال على التثاقف والتقابس والاعتراف بالحق في الاختلاف؟ أم إنه لا يعدو أن يكون تكريسا لنوع من الهروب والاختباء من المشاركة الفعلية والنقاش الجدي والجاد المحتضن للعلاقات البشرية في حميميتها الاتصالية وراء الشاشات؟ وما مدى قدرة هذا الفضاء على إرساء دعائم ثقافة المواطنة والوعي بالحقوق والواجبات؟
إذا كانت الديمقراطية وظيفتها تنظيم وتدبير المجتمع بشكل عام فأهدافها لن تتحقق إلا باشتراك جميع مكوناته، وبتوفير شروط جوهرية لا غنى عنها هي المواطنة ودولة الحق والقانون وقدسية حرية الرأي والتعبير، باعتبار كل ذلك يمثل حياة جماعية قائمة على روابط تشريعية وسياسية وثقافية وإنسانية، وإطارا تبرز فيه الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية اللازمة لممارسة الحرية والمساواة والعدالة، فيما يلعب الإعلام بتكنولوجياته المختلفة دورا محوريا في الديمقراطية من خلال ضمان وتكريس حرية التعبير، وكونه فضاء لتعدد الآراء والمواقف، ومصدرا للمعلومات والمعطيات اللازمة للأفراد والفاعلين ليقوموا بواجبهم كمواطنين، وكذا يعد سلطة للرقابة والتحقيق، فوسائل الإعلام بالتالي هي تعبير عن الديمقراطية وشريك لها.
المزيد الدراسات الدينية الفلسفة والعلوم الإنسانية الدين وقضايا المجتمع الراهنة الدين والسياسة التأويل الحقوق والحريات العلمانية الابستيمولوجيا الفكر الإسلامي الفلسفة الاختلاف فهم الدين مكتبة الصور
وهي الرؤية التي تنطبق بتفاصيلها على واقع الفضاء العمومي العربي الذي خضعت وسائله منذ البداية للتوجيه لخدمة القوى النافذة في السلطة والحكم، الأخيرة التي كيفت أدوارها مرة أخرى وبنفس الأساليب المعهودة من رقابة ومتابعة على نشاط الإعلام الجديد الذي برزت فيه معالم فعلية للفضاء العمومي الحقيقي المبني على حرية النقاش نور والتداول الحر لقضايا الشأن العام، بحيث يتعرض هو الآخر لشتى أنواع التضييق والمحاصرة سواء باعتماد الوسائل التقنية أو السياسية والتشريعية قصد الحد من نشاطه، ودائما تحت طائلة أهداف التنمية والحفاظ على المصالح الإستراتيجية خاصة الأمنية منها.
من الصعب تفسير عملية تكوين الرأي العام، لأنه متغير ومتقلب، كما أنه لا يمكن إدراكه بمعزل عن دور المعلومات التي يحصل عليها الفرد من البيئة السياسية والاجتماعية المحيطة، وخاصة في القضايا المهمة التي تتصل بمصائر الشعوب.
وقد ارتبط الإعلام والديمقراطية مع بعضهما منذ قرنين ليشكل كل منهما المجال الحيوي للآخر، لذا لا ينتعش الإعلام إلا في جو ديمقراطي مفعم بالحرية، إذ أن الديمقراطية توفر لوسائل الإعلام الظروف الملائمة لنشاطها في حين تخلق تلك الوسائل فرص التعبير وتشكيل الرأي العام مما يساهم في بناء وتنشيط الفضاء العمومي الذي هو الفضاء الفعلي لممارسة الديمقراطية.
وقد خلصت الدراسة إلى أن الديمقراطية التي تمثل أبرز أوجه تجليات الفضاء العمومي عرفت في ظل تكنولوجيا الاتصال الحديثة تطورا بارزا ساهم في ميلاد الديمقراطية الالكترونية، غير أن هذا الطرح يختلف في واقع الفضاء العمومي العربي الذي لازال يعرف صراعا وتضييقا ورقابة وتوجيها من قبل القوى السياسية والاجتماعية الفاعلة في الأنظمة الحاكمة رغم نور نجاحه في حالات معدودة في طرح قضيا أمام الرأي العام ليضغط بها على توجهات الحكومات وقراراتها.
وسائل الإعلام لا تعبر بالضرورة عن رأي الأغلبية، بل تعكس أحيانًا رأي الأغلبية المزيفة التي تروج لها.
ويؤكد تشارلز ليدبيتر على أن انفتاح منصات التواصل الاجتماعي يسهل من إمكانات التعاون الجمعي بين الأفراد والجماعات الذين أصبحوا مصدر الابتكارات والأفكار الجديدة في الممارسات الديمقراطية، ويتوافق هذا الرأي مع عديد الدراسات التي أكدت منذ فترة طويلة على ضرورة الاعتراف بالدور المركزي الذي تلعبه «المجموعات الاجتماعية » في تشكيل وتصميم ونشر التكنولوجيات الجديدة.
بسبب هامش الحرية التي توفرها شبكات التواصل الاجتماعي في العالم العربي أصبحت تمثل فضاء عموميا افتراضيا مفتوحا تطرح فيه القضايا للحوار والنقاش أمام كل أفراد الجمهور.
يهدد الخوف من العزلة الاجتماعية الأفراد، مما يجعلهم يتحفظون عن إبداء آرائهم ولا يعلنون عنها، لا سيما إذا أدركوا أن هذه الآراء لا تحظى بتأييد الآخرين، وعلى العكس من ذلك، فإن أولئك الذين يشعرون أن آراءهم ستلقى استحسانًا، يرغبون في التعبير عنها من دون خوف.
ثالثا- تايلور مسائلا انزياحات العقل الأداتي وافتراضية الفضاء والمواطنة
الكاتب : قواسم بن عيسى . الملخص تعالج هذه الورقة البحثية موضوع الفضاء العمومي الإفتراضي الذي يعتبر امتدادا للمفهوم الكلاسيكي للفضاء العمومي، حيث بإماكن البشرية اليوم أن تلتقي عبر الفضاءات التي توفرها شبكات التواصل الإجتماعي مثل فايسبوك، تويتر، أنستغرام ...إلخ من أجل النقاش والحوار وتبادل وجهات النظر حول القضايا الكونية والعالمية، بغض النظر عن الإختلاف اللغوي أو الديني أو العرقي أو الجغرافي...إلخ، مما يجعل الإنسان المعاصر على وعي واطلاع بما يحدث في العالم بأسره، وليس فقط بما يحدث ضمن حدود بلده، مع إمكانية تفعيل مشاركته في تقديم الإقتراحات والأفكار والحلول للمشاكل ذات الطابع العالمي أو الإقليمي، وتسخير عقله في خدمة القضايا الإنسانية العادلة في العالم، لتصبح بذلك شبكات التواصل الإجتماعي منافسا استراتيجيا و بديلا حيويا للمؤسسات العالمية الرسمية التي تحتكر المناقشات العامة حول القضايا الكونية مثل هيئة الأمم المتحدة وغيرها.
فضاء عمومي اتصالي ذو قيمة تأثيرية قوية على انطباعات وتصرفات وكذا علاقات الأفراد.